الشهيد القسامي/ إبراهيم أحمد خميس الشنباري
في سبيل الله وعلى درب الجهاد
القسام - خاص:
مجاهد أبدع في شتى الميادين، كان نموذج مفعم بالنشاط والحيوية وبذل كل جهد دون توانى أو كلل مؤدياً واجبه الجهادي والديني والإنساني، صاحب الابتسامة العريضة التي كانت ترتسم على وجهه عند مقابلته أي شخص، سواء كان يعرفه أو لا يعرفه.
أرض تنجب أمثال الشهيد المجاهد إبراهيم الشنباري، لا يمكن أن يقل فيها الرجال أو يندرون، فهم الذين استطاعوا نقش أسمائهم في مهجة القلب، ليشتعل الشوق والحب إليهم عندما يُذكرون.
شخصية محبوبة
وُلِدَ الشهيد البطل إبراهيم الشنباري بتاريخ 54/12/2001م، في بلدة بيت حانون شمال قطاع غزة، كان منذ صغره مهذباً مؤدباً محبوباً من قبل الجميع، تميز بحسن أخلاقه مع أهله وأقاربه رحمه الله تعالى، ومع أهله كان على خير ما يكون الطفل والشاب فيما بعد مطيعاً لأبويه، وقد امتلك مكانةً خاصةً في قلبي والديه، فلم يغضبهما يوماً، بل كان باراً بهما عطوفاً عليهما.
ومثلما تحلى بتلك الأخلاق داخل بيته، تماماً كان في تعامله خارج بيته، على علاقةٍ متميزةٍ وقويةٍ كثيراً مع رفاقه من المجاهدين الأبطال، فكان يوصيهم بالصلاة ويأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر، ويوصيهم بالسير على درب الشهداء الميامين.
أفنى المجاهد حياته في سبيل الله، قائماً طائعاً لله، ومقدماً روحه في سبيل الله، حيث كان حريصاً على رضا الجميع في معاملته، فالمساعدة للفقراء والمساكين من صفاته التي ما انقطع عنها حتى قبل رحيله، يؤثر الآخرين على نفسه، ويقدم الغالي والرخيص ابتغاء مرضات الله.
درس شهيدنا في بداية حياته الدراسية الابتدائية والإعدادية والثانوية في مدراس وكالة الغوث للاجئين بمدينة بيت حانون، ومن ثم التحق بمعهد حمودة للشريعة الإسلامية ودرس لمدة عامين وحصل على شهادة الدبلوم.
علاقته بالمسجد وبيعته
واظبَ ابراهيم منذ أن كان شبلاً صغيراً على الصلاة في المسجد والاعتكاف فيه، فتوثقت علاقته بالمسجد يوماً بعد يوم، حتى أصبحَ من رواده الذين لا ينقطعون عنه، وبرز ذلك من خلال التزامه بالصلوات الخمس وصلاة الفجر في جماعة، ومن خلال مشاركته في دروس العقيدة والفقه والسيرة وبرز دوره أيضا في المشاركة في فعاليات ونشاطات حركة المقاومة حماس.
بايع حركة حماس، وشهد له الجميع بأخلاقه العالية وحسن معاملته، حتى أنهم كانوا يصفونه بقرآن يمشي على الأرض، نعم لأنه من أهل القرآن فأكرمه الله بحفظ كتابه، فكما شهدت له مواطن الجهاد كم كان خدومًا لها، شهدت له حلقات الذكر وتحفيظ الفتية للقران الكريم.
كانت تلك الأخلاق والصفات التي تمتَّع بها شهيدنا المقدام شاهدةً على التزامه المبكر في المسجد وتشربه لروح الإسلام وتعاليمه الرائعة تشرباً واعياً ناضجاً، أهلَّه أن يكون داعياً إلى الله من صغره ومحفظاً لكتاب الله في المسجد، حيث دفعه إلى الانتماء إلى حركة المقاومة الإسلامية حماس منذ نعومة أظافره.
في صفوف القسام
طريق الجهاد والمقاومة لم يسلكها أو يختارها الشهيد إبراهيم بمحض الصدفة أو الهواية بل كانت نهج حياة وبذرة انتماء صادق انزرعت ونمت وترعرعت منذ سنوات بعيده في جنبات منزلهم المتواضع.
انضم المجاهد إبراهيم– رحمه الله- إلى صفوف مجاهدي كتائب الشهيد عز الدين القسام في بيت حانون، فقد أبى إلا أن يحمل الراية ويجاهد في سبيل الله، وأخذ على عاتقه تحرير الأرض المقدسة والوطن السليب من المحتل الغاصب، فقد كان دائم الحديث عن الجهاد في سبيل الله والرباط على الثغور.
وكان رحمه الله يجتهد بكل الأعمال التي تطلب منه، ويحرص على الالتزام بمواعيد عمله الجهادي، فهو مثالاً يحتذى به كالمجاهد الصادق الذي يبحث عن رضا الله أولاً.
ورغم قصر المدة الى أنه قد ابلى بلاءً حسناً فلم يترك ثغراً إلا ورابط فيه ولم يترك باباً من أبواب الجهاد إلا وطرقه، فقد أبدى الشهيد سمعاً وطاعة منقطعة النظير، مبادراً في الخير فنال حب إخوانه وأمرائه في العمل العسكري والدعوى، والتحق بالدورات العسكرية والدورات التنشيطية.
طلب الشهادة وســلك طريقها
لا ينقص الأجل المسطر في الكتاب ولا يزيد، هكذا هي الحياة لقاء وفراق، فلا بد أن يكون يوماً للحقيقة، يوما للقاء الله، يوماً للرحيل إلى دار الخلود والبقاء.
ففي يوم الاثنين 29 رمضان كان ابراهيم إمام الناس في صلاة التراويح في المسجد حيث صلى وأطال في الدعاء، ولم يطل انتظار الإمام العشريني إبراهيم الشنباري إجابة دعائه بأن يرزقه الله الشهادة في سبيله، وقد ألح به كثيرا وهو يؤم المصلين، فارتقى شهيدا في طريق عودته من المسجد إلى منزله الواقع في بلدة بيت حانون شمال قطاع غزة.
استشهد الإمام العشريني على الفور، وأصيب أكثر من 40 آخرين بينهم أعمامه وأقاربه، كانوا على مقربة من بعضهم في محيط دائرة قطرها حوالي 80 مترا، بحسب والده وشهود عيان.
كان الشنباري معتكفا في المسجد في العشر الأواخر من شهر رمضان، يؤم المصلين ويقوم بهم الليل، فهو طالب الشريعة الحافظ لكتاب الله ومحفّظه لأطفال منطقته.
صعدت روحه الطَاهرة إِلى رَبها شَاهدةً عَلى ثَباته وصبره واحتِسابه، فما وهن ولا استكان، ولم يعرف للراحة طعم، ليلحق على عجل مبتسماً مرحاً سعيداً بركب الشهداء.
نحسبه من الشهداء الأبرار الأطهار ولا نزكي على الله أحداً، ونسأل الله أن يتقبله في الشهداء، وأن يسكنه فسيح جناته.